اسحب

قصص ملهمة

زهرة تخيطُ أحلامها

زهرة تخيطُ أحلامها

في بلد يعاني من أزمات متعددة ومستمرة، قد يبدو الأمل شيئًا نادرًا وبعيدًا. لكن هناك من يثبتون أن الإرادة والعزيمة والعمل قادرون على تغيير المستحيل إلى ممكن. زهرة هي واحدة من هؤلاء الأشخاص، فهي امرأة يمنية تبلغ من العمر 27 عامًا، استطاعت أن تتغلب على ظروفها القاسية في سبيل تحقيق حلمها.

 

زهرة تعيش في منطقة الديس في المُكلا مع أطفالها الثلاثة، وأخيها الذي كان يعولها. لم تكمل تعليمها فقد درست فقط للصف الخامس الابتدائي، وكحال الكثير من الفتيات اللاتي لا يسمح لهن بالدراسة بعد المرحلة الأساسية، وبدون مهارات أو مصدر دخل تحتم عليها بعد طلاقها أن تعول أطفالها الثلاثة، وكان أخوها الذي يعمل سائق حافلة ركاب صغيرة (باص) هو المسؤول الوحيد عن إعالتها ومن يؤمن بأجرهِ الضئيل مصدر الدخل الوحيد للعائلة، وتسنح لها فرصة الانضمام إلى برنامج (SOLVE) ) والذي تنفذه مؤسسة تنمية القيادات الشابة (YLDF) بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN WOMEN) وبدعم من صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني (WPHF)،  ويهدف إلى دعم الفتيات والنساء في مجتمعات النازحين للتعافي بسرعة أكبر وبشكل مستدام من الأزمة)، لم تتردد كثيرًا في اقتناص الفرصة، وقررت أن تلتحق بالبرنامج لتغير من واقعها وواقع أسرتها.

 

تختار زهرة التدريب في مجال الخياطة، وهو أحد المجالات التي يقدمها البرنامج، وهو حلم طالما راودها منذُ صغرها، لكن لم تجد فرصة لتعلمها أو ممارستها، وبعد أن أتمت التدريب بنجاح في فبراير 2023، حصلت على فرصة العمل في "مشغل الغد للخياطة"، حيث تصنع ملابس الأطفال والنساء.

زهرة تقول إن حياتها قبل البرنامج كانت صعبة جدًا، فقد كانت تعاني من الفقر والتهميش من قِبَل المجتمع، وكانت تشعر باليأس والخوف من المستقبل.. : "كان حلم حياتي أن أصبح خيَّاطة، لكن لم يكن لدي أي مهارة أو معدات أو مال، كنت أشعر بالحزن والإحباط كلما رأيت فتيات أخريات يصنعن الملابس". بعد التحاقها بالتدريب تعلمت كيف تستخدم الماكينة والمقص والإبرة والخيط، وكيف تقيس وتقص وتخيط الأقمشة، وكيف تصمم وتزين الملابس.

"كان التدريب رائعًا جدًا"، تقول زهرة؛ وتعلمتُ الكثير من المدربة التي كانت دائمًا متعاونة وودودة.. وشعرتُ بالسعادة والفخر كلما نجحتُ في صنع قطعة ملابس.. ولأنني أستطيع فعل شيءٍ مفيد، لقد أصبحتُ شخصًا آخر، وأصبح لدي مهنة، وقادرة على تأمين احتياجاتي واحتياجات أطفالي، والعيش بكرامة، وأصبحتُ أكثر ثقةً بنفسي وأكثر قوةً في مواجهة التحديات، ولم أعد أشعر بالخوف من المستقبل، البرنامج فرصة رائعة جدًا للبنات، وساهم في خدمة أسر كثيرة وتوفير مصادر رزق لهن، نصيحتي لكل فتاة أن تواجه الحياة وأن تكتسب المهارة التي تساعدها على أن تعتمد على نفسها.

 

تحلم زهرة بأن تفتح مشروعها الخاص في المستقبل، حيث تستطيع أن توظف وتدرب فتيات أخريات على الخياطة، وتساهم في تنمية المجتمع، وتشجع كل فتاة يمنية على أن تستغل الفرص التي تقدمها المنظمات المحلية والدولية. إن قصة كفاح زهرة هي مثالٌ يحتذى به للشابات اللواتي يكافحن من أجل تغطية احتياجاتهن حتى في أصعب الظروف.

إنها مثال للمرأة اليمنية التي لم تستسلم لظروفها القاسية، بل استطاعت أن تغير مسار حياتها بالإرادة، واقتناص الفرصة التدريبية، والعزيمة، والعمل. زهرة هي قصة نجاح تُلهم الكثيرات في بلدٍ يعاني من أزمة إنسانية واقتصادية وسياسية، وتثبت أن الأمل موجود ما دام هناك من يسعى لتحقيقه.