باشعيب والقيمة المضافة لبيئة ريادة الأعمال
منذ 8 سنوات بدأ برنامج القيادات الشابة بـ"تمكين الشباب ودعمهم لتصميم وتنفيذ حلول تنمية مبتكرة ومؤثرة ومستدامة - سواء في شكل مؤسسات اجتماعية، أو منظمات غير ربحية، أو منظمات غير حكومية، أو مبادرات، أو حملات". وبعد كل هذه السنوات، إذا كان لابد من تحديد العوامل التي تجعل من هذا البرنامج "فريدا من نوعه"، لن يكون اختلاف الآراء هو الغريب في الأمر، بل تشابهها. لكن عبد الرحمن عمر باشعيب (20 عام) وهو شاب يمني من حضرموت وأحد 6 فائزين على المستوى المحلي في النسخة الثامن من البرنامج يرى أن هناك أمر واحد يجعل برنامج القيادات الشابة فريدا من نوعه وهو: المنهج.
قبل أن يعرف باشعيب أي شيء عن برنامج القيادات الشابة كان قد فكر مرارا حول مستقبله، ولأنه شخص يعرف ما يريده بسرعة، اختار تخصص إدارة الأعمال عندما حان وقت الجامعة، لكنه كان غير مقتنع أن تحديد التخصص الجامعي والتفوق فيه أمر كافي عندما يتعلق الأمر بالمستقبل، لذلك كان مستقبله لا يزال "محل شك".
"لم يكن لدي أهداف واضحة للمستقبل" يقول باشعيب الذي اصبح يؤمن أن هناك أشياء يجب علينا أن نعرفها أولا لكي نعرف كيف نحدد أهدافنا المستقبلية، مضيفا: "ومعرفة هذا الأمر بهذه السرعة لم يكن ممكنا لولا برنامج القيادات الشابة الثامن".
في سبتمبر/أيلول 2022 اُطلق برنامج الأمم المتحدة الانمائي، ومؤسسة تنمية القيادات الشابة برنامج القيادات الشابة الثامن تحت عنوان " الارتقاء بمستقبل الشباب من خلال جودة التعليم والمساواة بين الجنسين" كوسيلة لتغيير مستقبل الشباب والشابات في اليمن. واستهدف البرنامج شباب وشابات اليمن في محافظات تعز، عدن، وحضرموت بين 19-29 عام في مسارين: بناة المجتمع وريادة الأعمال الاجتماعية.
عرف باشعيب عن البرنامج من خلال أحد اقرباءه: "وصلني إعلان اطلاق البرنامج في رسالة عبر الواتساب"، يقول عبد الرحمن إن أبن عما له، أرسل بالإعلان وتبعه برسالة أخرى: "هذا البرنامج فريد من نوعه، إذا كنت تريد أن تطور من نفسك وتصبح فاعلا التحق به"، يضيف: "كانت هذه هي المرة الأولى التي أسمع بها عن برنامج القيادات الشابة، بحثت عنه عبر الانترنت فوجدته برنامجا يقام في عدة دول عربية، وكلما كنت اطلعت على نتائج اكثر حوله كنت ازداد تحمسا، لذلك ملأت استمارة التقديم في نفس اليوم".
من أجل تطوير حلول ابتكارية دعا برنامج القيادات الشابة شباب وشابات اليمن للمشاركة بأفكار مشاريع ابتكارية مجتمعية أو ريادية. ولأن والده "كفيف"، وقليلون هم من لديهم صورة واضحة عن ما يعانيه ذوي الاحتياجات الخاصة، فليس مستغربا أن باشعيب كان لديه فكرة مشروع مجتمعي. "أنت مش عادي" كان الولد يريد دوما أن يقول لوالده هذه الجملة، وجاء الوقت ليقول له ذلك من خلال تسمية مشروع بهذا الاسم.
"شعرت بسعادة كبيرة عندما تم قبول مشروعي" يقول عبدالرحمن الذي اضطر لتغيير المشروع بشكل كامل لاحقا أنه لا يزال يشعر بالسعادة حتى وإن كان المشروع الجديد في مجال مختلف. عندما التحق باشعيب ببرنامج القيادات الشابة عرف أن فكرة مشروعه تحتاج لإمكانيات اكبر من قدرته على توفيرها، لذلك حاول ان يستفيد من البرنامج بقدر الامكان من أجل أن لا يفوت الفرصة، وقد كان محظوظا، لأنه لم يطور فكرة مشروع ابتكاري فقط، بل وحدد اهدافه المستقبلية من خلال المشروع الجديد.
"المستقبل هو أن يكون لديك شغف واضح وأهداف واضحة" يقول عبد الرحمن وهو يشرح كيف أنه استطاع معرفة ما هو شغفه وكيف يعمل على الاستفادة منه. عندما كان يجب عليه أن يأتي بفكرة مشروع جديد بحث باشعيب عن فكرة يشعر بالانتماء لها، فتش حوله، وفكر بما يحتاجه الناس. تذكر كيف أن جدته لا تثق بالمنظفات المصنوعة من مواد كيماوية وتستبدلها بمنظف تصنعه هي من اوراق السدر واشجار اخرى. سأل جدته عما اذا كان هناك نساء اخريات يقمن بالأمر نفسه وكان ردها ايجابيا، فعرف على الفور أنه يستطيع أن يراهن على قصة جدته.
"استفدت من دورة التفكير التصميم بشكل كبير، ومنها استطعت أن أصل إلى فكرة المشروع" بدأ باشعيب بتبني فكرة مشروع معمل لإنتاج منظفات طبيعية، ووجد ان فكرة المشروع تتوافق مع ما تسعى 8 من اهداف التنمية المستدامة أن تحققه.
من البيئة يستطيع باشعيب أن يطور أفضل بديل للمنظفات الكيماوية المنتشر في السوق. وإلى جانب اوراق السدر يدخل في صناعة هذا المنتج اوراق الحناء واوراق (الحنتيكة) وماء الورد إلى جانب ماء نقي وبنزوات الصوديوم. يقول باشعيب "بنزوات الصوديوم هي المادة الوحيدة التي سوف اضطر لاستيرادها من الخارج ولن احتاج لكميات كبيرة منها.
تواصل باشعيب مع مصنع منظفات في حضرموت ومع المختبر المركزي ومحطة ابحاث سيئون وعدد من رواد الاعمال الذين لهم اطلاع ومعرفة بالمجال وقد كون صورة واضحة لما يحتاجه. وفي حين أن ينوي أن يبدأ مشروعا تجاريا استثماريا في اقرب وقت يتوقع أنه سيكون قادر على انتاج 30 الف عبوة خلال السنة الأولى وأن سيكون لديه سيارة لتوزيع المنتجات وسكون السوق المحلي قد عرف بمنتجه.
وفي حين يعاني اليمن كمعظم دول المنطقة العربية من أعلى معدل بطالة بين الشباب على مستوى العالم، تعتبر ريادة الأعمال والابتكار ضروريان لتسخير الإمكانات الاقتصادية من كل أمة كما اقرتها الأمم المتحدة ومع ذلك. و"لكي تزدهر ريادة الأعمال"، يقول باشعيب "هناك حاجة إلى بيئة أعمال مواتية". ويرى أنه اذا سارت الامور معه بشكل جيد سيكون قادر أن يمثل قيمة مضافة لبيئة ريادة الأعمال.